السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*****************************
شهد بعض أئمتهم أن ولادة علي (عليه السلام) في الكعبة متواترة متفق عليها ثم أنكروها !
قال في أعيان الشيعة: 1/323، ونحوه الصحيح من السيرة: 2/159: ورد أنه عليه الصلاة والسلام ولد في جوف الكعبة أعزها الله ، في يوم الجمعة في الثالث عشر من شهر رجب ، وأن هذه فضيلة اختصه الله بها ، لم تكن لأحد قبله ولا بعده. وقد صرح بذلك عدد كبير من العلماء ورواة الأثر ، ونظمها الشعراء والأدباء ، وذلك مستفيض عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ،كما أنه كذلك في كتب غيرهم ، حتى لقد قال الحاكم وغيره: { تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة } وصرح بأنه لم يولد فيها أحد سواه عدد من العلماء والمؤرخين.
ويقول السيد الحميري المتوفى سنة173:
أقرت به الكتاب قدماً بأنه رسول من البطحاء هاد ومهتد
ولدته في حرم الإله وأمنه والبيت حيث فناؤه والمسجدُ
بيضاءُ طاهرة الثياب كريمةٌ طابت وطاب وليدها والمولد
في ليلة غابت نحوس نجومها وبدا مع القمر المنير الأسعد
ما لفَّ في خرق القوابل مثله إلا أبن آمنة النبي محمد
وأحال في هامشه على: مستدرك الحاكم: 3/483 ، وتلخيصه للذهبي، ونور الأبصار/76 ، والفصول المهمة/12، وكفاية الطالب/406 ، والمناقب لابن المغازلي/7.الخ...
ثم قال في الصحيح: ولكن نفوس شانئي علي (عليه السلام) قد نفست عليه هذه الفضيلة التي اختصه الله بها ، فحاولت تجاهل كل أقوال العلماء والمؤرخين ورواة الحديث والأثر ، والضرب بها عرض الجدار ! حيث نجدهم وبكل جرأة ولا مبالاة يثبتون ذلك لرجل آخر غير علي (عليه السلام) ، بل ويحاولون التشكيك في ما ثبت لعلي أيضاً ، حتى لقد قال في كتاب النور: حكيم بن حزام ولد في جوف الكعبة ولا يعرف ذلك لغيره. وأما ما روي من أن علياً ولد فيها فضعيف عند العلماء !
وقال المعتزلي: كثير من الشيعة يزعمون أنه ولد في الكعبة ، والمحدثون لا يعترفون بذلك ، ويزعمون أن المولود في الكعبة حكيم بن حزام. ثم حاول الحلبي والديار بكري الجمع والصلح بين الفريقين باحتمال ولادة كليهما فيها !
(تاريخ الخميس: 1/279 ، والسيرة الحلبية: 1/129).
وأول من روى ولادة حكيم في الكعبة الزبير بن بكار في كتابه جمهرة نسب قريش:1/353 ، قال: دخلت أم حكيم بن حزام الكعبة مع نسوة من قريش وهي حامل متم بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة ، فأتيت بنطع حيت أعجلتها الولادة، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع ! (مجلة تراثنا: 26/33).
أقول: يكفي لرده شهادة الحاكم (3/483) بأن ولادة علي (عليه السلام) في الكعبة متواترةٌ عن الجميع ، ومعناه أن السلطة بعد القرون الأولى غيبت تلك النصوص وأبادتها ، ونشرت بدلها كذبة ابن بكار الزبيري الناصبي لمصلحة حكيم بن حزام الطليق ، وهو ناصبي !
وقد ذكرنا في مقدمة الكتاب كيف أبادت السلطة أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) كأحاديث جابر بن يزيد الجعفي الذي روى سبعين ألف حديث ، وابن عقدة الذي روى أكثر ثلاث مائة ألف حديث !
قال الشهيد نور الله التستري في إحقاق الحق/198: قال الناصب خفضه الله: المشهور بين الشيعة أن أمير المؤمنين ولد في الكعبة ولم يصححه علماء التواريخ بل عند أهل التواريخ أن حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره... وأقول: حكمه بعدم التصحيح سقيم ، بعد ما روى المصنف ذلك عن صاحب كتاب بشاير المصطفى وهو رواه عن زيد بن قعنب ، ورواه ابن المغازلي مرفوعاً إلى علي بن الحسين (عليه السلام) على ما نقله صاحب كشف الغمة ، وكفى برواية مثلهما من أهل السنة حجة لنا عليهم... وفيه أيضاً كما صرح به الراوي الفضيلة والكرامة وأن باب الكعبة كان مقفلاً ، ولما ظهرت آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد رضي الله عنها عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن الله تعالى وهتف لها هاتف بالدخول... على أن الكلام في تشرف الكعبة بولادته فيها ، لا في تشرفه بولادته في الكعبة ، فإنه (عليه السلام) هو الكعبة الحقيقية لأهل الإنتباه ، وقبلة إقبال المقبلين إلى الله ، كما روى عنه (عليه السلام) أنه قال: نحن كعبة الله ونحن قبلة الله... انتهى.
وقد ورد عن أهل البيت(عليهم السلام)أنهم كعبة الله وقبلة الله ، كما في نهج الإيمان لابن جبر/569 والبحار: 24/303، عن تأويل الآيات. والصراط المستقيم: 2/75، عن المغازلي. ومستدرك سفينة البحار: 8/404 ، عن العياشي...
وألهم الله أمه فاطمة (عليها السلام) فلجأت الى الكعبة ، فبعث لها من ساعدها على الولادة ففي أمالي الصدوق/194، عن سعيد بن جبير ، عن الإمام الصادق عن آبائه عن يزيد بن قعنب قال:
كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت حاملة به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق ، فقالت:
رب إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل (عليه السلام) وأنه بني البيت العتيق ، فبحق الذي بني هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسرت علي ولادتي....
قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز وجل !
ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قالت:
إني فضلت على من تقدمني من النساء ، لأن آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سراً في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطراراً ، وإن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطباً جنياً ، وإني دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأرزاقها، فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف:
يا فاطمة سمه علياً فهو علي والله العلي الأعلى يقول:
إني شققت اسمه من اسمي وأدبته بأدبي ووقفته على غامض علمي ، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني ، فطوبى لمن أحبه وأطاعه ، وويل لمن أبغضه وعصاه...
وفي مناقب علي (عليه السلام) لابن المغازلي/25، عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال:
كنت جالساً مع أبي ونحن زائران قبرَ جدنا (عليه السلام) وهناك نسوان كثيرة ، إذ أقبلت امرأة منهنّ فقلت لها: من أنت يرحمك الله ؟
قالت: أنا زيدة بنت قريبة بن العجلان من بني ساعدة ، فقلت لها: فهل عندك شئ تُحدّثينا ؟
فقالت: إي والله حدّثتني أُمّي أُمّ عمارة بنت عُبادة بن نَضلَة بن مالك بن العَجلان الساعدي ، أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيباً حزيناً فقلت له: ما شأنك يا أبا طالب؟
قال: إنّ فاطمة بنت أسد في شدّة المخاض ، ثمّ وضع يديه على وجهه ، فبينا هو كذلك إذ أقبل محمد (صلى الله عليه وآله) فقال له: ما شأنك يا عمِّ ؟
فقال: إن فاطمة بنت أسد تشتكي المَخاضَ ، فأخذ بيده وجاء وهي معه فجاء بها إلى الكعبة فأجلسها في الكعبة ثم قال أجلسي على اسم الله !
قال فَطُلِقَت طَلقةً فولدت غلاماً مسروراً نظيفاً منُظّفاً لم أر كَحُسنِ وجهه فسماه أبو طالب علياً وحَمله النبي (صلى الله عليه وآله) حتّى أدّاه إلى منزلها !
قال علي بن الحسين (عليه السلام) : فوالله ما سمعتُ بشئ قطُّ إلاّ وهذا أحسنُ منه... وحلية الأبرار: 2/25، والطرائف/8 ، والعمدة/16، والدر النظيم/225.
وفي مناقب آل أبي طالب: 3/59: عليٌّ أول هاشمي ولد من هاشميين ، وأول من ولد في الكعبة ، وأول من آمن ، وأول من صلى ، وأول من بايع ، وأول من جاهد وأول من تعلم من النبي (صلى الله عليه وآله) ، وأول من صنف ، وأول من ركب البغلة في الإسلام بعد النبي (صلى الله عليه وآله) .. وعلي (عليه السلام) آخر الأوصياء ، وآخر من آخى النبي ، وآخر من فارقه عند موته ، وآخر من وسده في قبره وخرج...
وفي عمدة الطالب/58: حيدرة من أسماء الأسد ، وقد ذكر ذلك في شعره يوم خيبر فقال (عليه السلام) :
أنا الذي سمتني أمي حيدرة ...
****************************