اللهم صلي على محمدٍ وآ لِ محمد
هذه حكاية من واقع المجتمع القطيفي المعروف
بعلاقته و محبته لأهل البيت عليهم السلام.
امرأة مؤمنة تكنى بأم علي، يومياً تكون في الحسينية القريبة من بيتها حيث تجتمع النسوة من أجل حضور إحياء المجلس الحسيني الذي تشرف عليه.
ام علي ليست فقط زوجة وام بل خطيبة قضت عمرها في الحسينيات تقرأ مصائب اهل البيت عليهم السلام وتنشد فيهم الاشعار رثاء ومدحا.
يوماً من الأيام و هي تمسك القلم وتجول بخواطر الاشعار والافكار لتكتب مدحا او مقالا في السيدة زينب عليها السلام فذكرى وفاتها لم يبق على حلولها الا اسابيع محدودة وهي سارحة في خواطرها قطع علها زوجها حبل الافكار..
هل فاجأتك يا ام علي ؟
لا ولكنك قطعت علي حبل افكاري
انا اسف ولكن جارتنا ام عبدالله اتصلت بك اثناء طهيك للطعام وقال لي ان تتصلي بها
الم تقل لك ماذا تريد ؟
كلا
وعلى الفور اتصلت ام علي بأم عبدالله
مساء الخير يا ام عبدالله
مساء النور يا ام علي
خير انشاء الله يقول زوجي انك اتصلتي بي ؟
نعم
ياترى ماعندك ؟
ابدا كل مافي الامر ياجارتي العزيزة ان تصريف حنفية مطبخ الحسينية مسدودة تماما مما ادى الى تجمع المياه وكما تعلمين فان كثرة استخدامها ادى الى تصبب الماء على ارضية المطبخ
لا تقلقي يا ام عبدالله سأذهب اذن الى الحسينية مبكرا وافتح مجرى الحنفية
جزاك الله كل خير ياجارتي العزيزة.
في عصر اليوم التالي ذهبت ام علي الى الحسينية ولم يكن بها الا عدد قليل من المؤمنات وتوجهت للمطبخ وكانت قد احضرت معها من المنزل سائل حمضي لتصريف المجاري وبدأت عملية التنظيف جاءتها احدى النسوة
هل تحتاجين مساعدة يا ام علي ؟
كلا اشكرك لقد قاربت على الانتهاء
وما ان انتهت ام علي من مهمتها حتى بدأت النسوة بالقراءة ، جلست ام علي لتستمع اثناء ماهي كذلك جائتها احدى النسوة اللاتي رأينها تنظف حنفية المطبخ
ام علي الظاهر انك لم تنظفي الحنفية جيدا فألمجاري ماتزال مسدودة
امعقول هذا ؟
نعم تعالي وانظري بنفسك
ذهبت ام علي الى المطبخ فشاهدت المجاري كما قالت المرأة
حسنا هذه المره سأنظفها جيدا
قالت المرأة مارأيك ان اقوم بذلك عوضا عنك ؟
لا سأفعل ذلك بنفسي فقط ناوليني تلك الفرشاه
نعم حاضر
قامت ام علي بصب مادة السائل الحمضي في مجاري الحنفية بكميات مضاعفة
ووضعت الفرشاه بداخلها وبينما النساء في عزائهن والمرأة تراقبها وهي تنظف وأم علي منسجمة في عملية التنظيف الشديدة تدفقت المياه بطريقة عكسية الى الاعلى حامله معها السائل الحمضي واصابت وجهها القريب فصرخت ام علي بقوة ووقعت على الارض .. تفاجأت المرأة لم تعرف ماذا تفعل
صرخت هي الاخرة سمعتها النساء فسارعن الى المطبخ ورأين ام علي ملقاة على الارض ووجهها محترق وعينيها مرمدتين والمرأة التي برفقتها تحاول مساعدتها
عم البكاء والفزع في الحسينية سمع بعض المارة بالخبر فاتصلوا بالاسعاف الذي اتى على عجل ونقلها الى المستشفى وسط بكاء النسوة وعويلهن وهناك ادخلت العناية المركزة
سمع زوجها بالخبر لم يصدق ماحل بزوجته بكى بحرقة وألم اخفى الامر عن اولاده ونقلهم الى منزل احد اقاربه وذهب على عجل الى المستشفى واخبروه ان رؤيتها ممنوع في الوقت الحاضر فطلب مقابلة الطبيب فأرشدووه الى غرفته
عفوا يادكتور انا زوج المرأة التي جاءت بالاسعاف قبل ساعات
نعم تفضل
ارجو ان تخبرني يادكتور عن وضعها الصحي
في الحقيقة ان حالتها في منتهى الصعوبة لقد حرق السائل الكيميائي معظم وجهها وتكمن المأساة في فقدانها بصرها
اليس هناك ثمة امل في استعادتها لبصرها مرة اخرى ؟
مستحيل يا سيد لقد اصاب السائل عصب العين ودمرالشبكية فلا امل في شفائها ابدا وانا اسف لقول هذا .
بكى الزوج بشده في اعماق نفسه ولكنه تمالك اعصابه في المستشفى وعندما عاد الى منزله فاضت عيناه بالدموع اخذ يبكي بشدة وكأنما لم يبكي من قبل على هول ما اصاب زوجته الطيبة المؤمنة
دار في انحاء المنزل وكأنه اصبح منزلا مهجورا لا حياة فيه فأين هي ام علي المليئة بالحب والطيبة والحنان انها اليوم ترقد في المستشفى تعاني أصابة لا شفاء منها.
طبعا بعد الحادث اخذ زوجها اجازة من العمل وظل مع زوجته في المستشفى يواسيها وجائها ايضا الجيران واهلها وكانوا متأثرين لمصاب ام علي
وبعد اسبوعين رخص الطبيب ام علي وعادت ام علي الى بيتها برفقة اختها وزوجها .
ام علي تبكي بحرقة في داخلها وتتساءل كيف ستعيش بقية عمرها وكيف ستقرأ في الحسينية وكيف ستتعامل مع زوجها وأولادها كيف ستخدمهم كيف تقوم بحقهم وكيف ستكتب شعرا في اهل البيت عليهم السلام وكيف وكيف الاسئله تبحث عن اجابه.
تدخل ام علي غرفتها تتمدد على السرير تنكس رأسها الى الارض وتخاطب زوجها
ابو علي
نعم ياحبيبتي
اريد ان اقول لك شئ ؟
ماذا ياعزيزتي
لا اريدك ان تعيش بقية حياتك معي بهذا الوضع
ماذا تعنين ؟
من حقك ان تتزوج وان تحظى برعاية امرأة مبصرة ووجهها مشرق نضير لا يعاني من تشوهات مثلي
تأثر الزوج و قال: لا تقولي هذا ياحبيبتي ابعد كل هذه السنين اتخلى عنك وأسلمك هكذا بكل بساطة لليأس والاحباط
الدنيا في عينيها ظلام دامس، الحياة كئيبة ولكن مايجول في خاطرها هو حضور مجالس ال محمد (ص)
لا تستطيع تحضير الطعام لزوجها واولادها، لم تعد قادرة على القيام بأعباء المنزل، ولكن مجالس الذكر الشئ الوحيد الذي لن تتخلى عن تأدية حقه
قالت لها ام عبدالله مارأيك ان تلقي بعض الابيات في ذكرى وفاة السيدة زينب عليها السلام ؟
ولكن حالي كما ترين لا استطيع لا القراءة
ولماذا تقرئين احفظي الابيات عن ظهر قلب ؟
انها عملية صعبة يا ام عبدالله
انها فعلا كذلك ولكن الا تستحق السيدة زينب عليها السلام ان تحاولي من اجلها ؟
بالطبع تستحق وسوف ابذل مابوسعي
بدأت ام علي وام عبدالله بالتحضير لقراءة مجلس التعزية . كل يوم يجلسن بالساعات تحفظ ام علي بعض الابيات وتنسى البعض الاخر . وفي يوم ما قبل الاخير لم تكن قد حفظت الا ابيات معدودات فأجهشت بالكاء
لا تبكي يا ام علي
ماذا افعل لقد كنت كل عام اقرأ مصيبة السيدة زينب عليها السلام ولكني هذه السنة غير قادرة على قراءتها حتى هذه الابيات لم استطع حفظها!!
احتسبي ذلك عند الله عز وجل
- آه لو يرجع الله علي بصري ليلة الوفاة لأعزي العترة الطاهرة عزاء أواسي به آل محمد
ثم بكت وبكت معها ام عبدالله ..... وفي الليل استلقت ام علي على الفراش وتضرعت لخالقها يارب بحق محمد وال محمد لا سيما سيدتي ومولاتي زينب عليها السلام فرج عني وعن جميع المؤمنين
ثم خلدت للنوم وفي منتصف الليل استيقظت على اثر نداء ام علي ام علي
من من يناديني ؟ يا ابا علي قم من نومك
لا تخافي يا ام علي انا هنا من اجلك
من اجلي ؟
نعم الا تريدين ان تقرئي تلك الابيات في السيدة زينب عليها السلام ؟
نعم
اذن استلقي على فراشك ولا تخافي
استلقت ام علي على الفراش كما امرت واقتربت منها المرأة ووضعت يديها على وجهها وتكلمت بكلام لم تفهمه
بعد ذلك لم تشعر بوجود المرأة ولكنها بدأت تحس بحرارة شديدة في وجهها وعينيها
قامت من فراشها وصرخت من شدة الحرارة
استيقظ زوجها راها تصرخ وتبكي وواضعة كلتا يديها على وجهها حضنها معتقدا انها تبكي بسبب وضعها الذي تحياه
فأزدادت صراخا وهياجا واحست فجأه بالنور والضياء يتدفق لعينيها
زوجي انني ارى.. ارى .. ارى
لم يصدق مقالها فسارع الى تهدئتها طالبته ان يفتح انوار الغرفه وما ان فعل ذلك حتى رأى وجه زوجته مضي كالقمر !! ولا اثر للحروق والتشوهات، تعانقا وبكيا وسجدا لله شكرا ايقظا اولادهما رأى الاولاد امهم وقد تعافت فسارعوا الى عناقها والبكاء في حضنها. في الصباح اتصل الزوج بالاهل والاقارب واخبرهم بما جرى بعضهم اعتقد ان ابو علي جن جنونه ولم يصدقوه اجتمع لفيف من الاهل وهم في غاية العجب والصلوات تزلزل ارجاء المنزل . سمع اهل البلده بالقطيف الخبر جاءتها الوفود والكل يقدم التهاني وبعضهم يلتمس من المرأة البركه لشفائهم هم ايضا من بعض الامراض.
جاء وفد من المستشفى لمعاينة ام علي وبعد اجراء الفحوصات الدقيقة خرج بنتيجة ان شفاء ام علي من مرضها معجزة الهية وكرامة غيبية ببركة اهل البيت عليهم السلام والسيدة زينب عليها السلام
وفي ليلة الوفاة امتلأت الحسينية بالحضور! وقرأت ام علي تعزيتها على السيدة زينب فبكت وابكت الحضور! وماتزال الى يومنا هذا تمارس نشاطها الديني في خدمة اهل البيت عليهم السلام.
سلام عليكم ماشرقت شمس وماغربت سلام لا يحصوه الاولون ولا الاخرون ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على محمد وال محمد