بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و على آل بيته الطيبين الطاهرين
حائرا صاح الوجود
يا علي طال السجود
بدماء سائلات
قم لإتمام الصلاة
يقول تعالى:
{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد}
(البقرة:207)
والمعنيّ بذلك،
كما ورد في كتب التفسير
هو علي بن أبي طالب ، أمين الله في أرضه
وحجته على عباده، ووصي رسوله
والشخصية الإسلامية الكبرى
بعد رسول الله، الذي أعطى الإسلام كل حياته
والذي كان يفكر دائماً ـ في عقله وقلبه ـ بالله وبرسوله
اللذين آمن بهما، وأحبهما كما لم يحب أحداً
فهو كما قال رسول الله صلى الله عليه واله
كان يحب الله ورسوله
وعندما أحب الله ورسوله، أحبه الله ورسوله.
كانت حياةعلي كلها محراباً
فقد بدأ أمره في محراب الله في الكعبة
وهو المخلوق الوحيد الذي ولد فيها
وكانت حياته بعد ذلك صلاةً مع رسول الله صلى الله عليه واله
فقد كان يقول:
"اللهم إني أول من سمع وأجاب وأناب
لم يسبقني بالصلاة إلاّ رسول الله"
فهو أول من صلّى مع رسول الله في طفولته الأولى
حتى قبل أن يبعث الله الرسول بالإسلام
وكان يعيش كل أخلاق رسول الله
وكل روحانيته
حتى انطبعت شخصية علي بشخصية الرسول.صلى الله عليه واله
وجعل حياته كلّها في خدمة الله، فكانت شهادته
بين يديه وفي بيته.
وكان يأخذ من علم رسول الله، حتى أصبح
باب مدينة العلم
كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه واله:
"أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها"
لم تكن
على أساس القربى أو نتيجةً لحالةٍ عاطفيّة
بل كانت من موقع إظهار آفاق تلميذه
الذي تتلمَّذ عليه في كلِّ شيء
فكان عليّ من رسول الله صلى الله عليه واله بمنـزلة هارون من موسى
إلاّ أنّه لا نبي بعده.
وقد جاء عن عليّ
:
«علّمني رسول الله ألف بابٍ من العلم ينفتح لي
من كلِّ باب ألف باب»
فكان
يعتز بأنه تلميذ رسول الله صلى الله عليه واله وتلميذ القرآن الكريم
ولهذا كانت حياته كلّها قرآناً يتحرّك
في كلِّ خطوة من خطواته.
وكان يعيش الإسلام بكلّ صفائه ونقائه وحركته وانفتاحه.
وكان
الحق هو عنوان حياته
فلم يقترب الباطل منه
قيد شعرة
حتى إن رسول الله صلى الله عليه واله أعطاه هذا الوسام:
"علي مع الحق والحق مع علي، يدور معه حيثما دار".
وكان
المجاهد الذي انطلق بالنصر
في كل معارك رسول الله صلى الله عليه واله
ويقال إنه شاركهم في هذا النصف
حتى روي
أنه في معركة بدر ـ ولم يكن علي قد تدرّب
على حمل السلاح بعد، ولكنه كان فارس بدر ـ
قتل نصف قتلى المشركين في المعركة،
وقتل المسلمون النصف الآخر
ويقال إن جبرائيل هتف:
"لا فتى إلا عليّ، ولا سيف إلا ذو الفقار".
وفي معركة الخندق،
قال رسول الله صلى الله عليه واله عندما برز إلى عمرو بن ود
فارس المشركين الأول
قال:
"برز الإيمان كله إلى الشرك كله"
وقد وقف علي إزاء عمرو، فقال الأخير:
لقد كان أبوك نديماً لي صديقاً، فارجع فإني لا أحب
أن أقتلك.
فقال علي : ولكنّي أحبّ أن أقتلك.
لم يكن مهماً
لديه أن يحافظ على صداقات أبيه أو صداقات قومه،
بل كان همه أن يحافظ على موقفه أمام الله.
وعندما صرع عمرواً
قال الرسول الله:
"ضربة علي يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين".
وموقفه من الخلافة
يقول ابن عباس:
دخلت على أمير المؤمنين بذي قار وهو يخصف نعله
فقال لي: ما قيمة هذه النعل؟
فقلت: لا قيمة لها
فقال:
«والله لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلاّ أن أقيم حقّاً، أو أدفع باطلاً».
حتى الحكم
وظّفه علي في خدمة الموقف والأسلوب الحقّ
لأنه كان يريد حكم الرسالة ولا يريد حكم الذات.
ولهذا
فإنه انفتح على الواقع من خلال الرسالة
وكان كل همّه هو الله
وكل فكره هو سلامة الإسلام وسلامة المسلمين.
ومن ثم نراه يقول:
«خشيت إنْ لم أنصر الإسلام وأهله، أنْ أرى فيه ثلماً أو هدماً
تكون المصيبة بهما عليّ أعظم من فوت ولايتكم
التي إنما هي متاع أيام قلائل
يزول منها ما كان
كما يزول السراب أو كما ينقشع السحابُ».
ويقول في حديث آخر:
«لأسلمنّ ما سَلُمَتْ أمور المسلمين».
من هنا
لم تكن معارضته
_ وقد أبعد عن حقّه _ معارضة عقدة في الذات
بل كانت معارضة موقف في الحق
فكان يستجيب لهؤلاء الذي تقدّموا عليه وأبعدوه عن حقّه
فيقدّم لهم المشورة والنصيحة والتعاون
لأنّ الإسلام يفرض ذلك.
حتى قال قائلهم
«لولا علي لَهَلَكَ عمر»
هكذا كان علي
الأول في المسلمين بعد رسول الله
ولذلك كان الأولى في حقه أن يكون الولي بعد رسول الله
وقد أكد
رسول الله صلى الله عليه واله ذلك في كلمته:
"من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه
وعادِ من عاداه"
وكان علي
في إخلاصه لله، وفي طاعته له وذوبانه فيه
كان العصمة كلها، لم يذنب ذنباً صغيراً أو كبيراً
منذ طفولته الأولى.
حين ضربه
ابن ملجم اللعين في ليلة التاسع عشر
قال
:
«فُزْتُ وَرَبّ الكعبة»
لأنه رأى أنّ حياته كلها كانت على حق
ولهذا كان
يبتسم في هذا المجال، على الرغم من أنه
عانى الكثير وتألّم وواجه المشاكل
ولم يمكّنه أهل الجمل وصفين والنهروان
من أن ينفّذ برنامجه
ولم يمكّنوه من أن ينفّذ ما عنده.
وحين كان
يشعر بأن الموت يدنو منه، كان يفكّر بتعليم الناس
فكان يقول:
«سلوني قبل أن تفقدوني»
وهو يكاد يلفظ أنفاسه، ذلك لأنه كان يحبّ
أن ينشر الوعي
في حياة الناس.
لقد ذاب علي في الله في يوم استشهاده
كما ذاب من قبل عندما واجه الملمات والصعاب
ولم يكن ذلك لو لم ينهل من معين مدرسة
حيث ارتقى معها إلى أعلى مدارج اليقين. ومنابعها الصافية
ذلك هو علي الذي وصل على حد انطباع شخصيته بشخصية
ليمثل خير خليفة له في النهج والسلوك.
ذلك هو علي ، الذي جاهد في سبيل الله، وصبر على الشدائد
فكان العابد، الصابر المحتسب.
ذلك هو علي الذي لم يدرك أهميته من عاش معه
وحتى من جاء بعده إلاّ القليل.
فإننا عندما نذكر علياً في مناسبة شهادته
فإننا نذكر هذه القمة الإسلامية
قمة الروح وقمة العلم وقمة الجهاد
وقمة الفضائل كلِّها.
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين
السلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
منقووووووووووول
نسالكم الدعاء
__________________
علي باب الذي ماراد مفتاح
مفاتيحه بدمع جفن اليتامى
علي صك الصراط بدون تزوير
يعبر شيعته بيوم القيامة