قرية النعيم
تعتبر منطقة النعيم اليوم ضاحية من ضواحي المنامة عاصمة مملكة البحرين، حيث كانت فريق يقع غرب المنامة اسمه فريق النعيم، ولكن بحكم توسعها العمراني وازدياد عدد سكانها ورقعتها الجغرافية، وبسبب ظروف تاريخية سنأتي على ذكرها لاحقا صارت النعيم منطقة شبه مستقلة عن المنامة وفيها أكثر من فريق.
يبلغ تعداد سكان منطقة النعيم حوالي عشرة آلاف نسمة هم الذين يسكنون في المنطقة حاليا، في حين ينحدر من المنطقة أكثر من عشرين ألف نسمة يسكنون في مناطق وقرى البحرين المختلفة. وفي حين انقطعت بعض الأسر التي نزحت من النعيم إلى مناطق أخرى عن المنطقة، بقيت الأغلبية مرتبطة بها حيث تكثر زياراتهم لأهاليهم وذويهم وأصدقائهم الذين ما زالوا يقطنون المنطقة، وتتكثف هذه الزيارات في المناسبات الدينية كالأعياد وعاشوراء وشهر رمضان.
وأحد أهم أسباب انعزال النعيم عن المنامة هي حادثة بناء سور المنامة الذي قسم فريق النعيم إلى قسمين: النعيم التحتية وكانت ضمن السور، والنعيم الفوقية وكانت خارج السور، ولأن معظم أهالي النعيم كانوا يشتغلون في حرف مرتبطة بالبحر كالقلافة (صناعة السفن) والتجارة باللؤلؤ وصيد الأسماك، فقد نزح جزء كبير من قاطني النعيم التحتية إلى خارج السور(1). وهكذا صارت منطقة النعيم منفصلة عن المنامة. واليوم لم يعد لهذا السور وجود حيث اختفت آثاره منذ عقود، وعاد الإتصال العمراني من جديد بين منطقة النعيم وأحياء المنامة.
تاريخ منطقة النعيم غامض إجمالا إذا استثنينا القرن الأخير، بسبب عدم توثيق السواد الأعظم من تاريخ المنطقة والاكتفاء بالسرد الشفوي للحوادث الذي تناقلته بعض الأجيال في حين ضاع معظمه في طيات الماضي. وأقدم حادثة موثقة وقعت بين أيدينا عن المنطقة، هي حادثة وفاة العلامة السيد هاشم التوبلاني البحراني (صاحب تفسير البرهان) في أحد بيوت المنطقة حوالي عام 1107هـ 1695م، حيث أنه كان متزوجا من أرملة أحد علماء المنطقة (الشيخ علي بن الشيخ عبدالله بن الشيخ حسين بن علي بن كنبار الضبيري) وكان لهذا الرجل بيت معروف في المنطقة، وكان السيد التوبلاني في ذلك البيت يوم وفاته.(2) وكان الشيخ حسين بن علي الضبيري (جد الشيخ علي المذكور آنفا) أيضا من سكنة النعيم، مما يعني أن المنطقة كانت آهلة بالسكان ويقطنها العلماء منذ ما يزيد على 400 سنة.
وكما ذكرنا، فإن القرن الأخير كان أفضل حظا من حيث توثيق أحداث المنطقة فيه، حيث أنه وفي عام 1930م بنيت عيادة في المنامة في منطقـة النعيم، وكانت نواة لمستشفى النعيم فيما بعد، حيث بدئ في إنشائه عام 1940م على أرض كانت في الأصل بيتاً قديماً يملكه عبدالعزيز القصيبي، ويعتبر مستشفى النعيم أول مستشفى حكومي يبنى على أرض البحرين.
وفي عام 1953م تم إنشاء نادي النعيم الثقافي والرياضي، الذي تميزت عقوده الأولى بالنشاط الزاخر ثقافيا وسياسيا ورياضيا، في حين اقتصرت أنشطة النادي في العقدين الأخيرين إجمالا على الأنشطة الرياضية وخاصة في لعبة كرة اليد، حيث حقق النادي عددا من الإنجازات المشرفة على المستوى الوطني. وفي عام 2001م بعد أن شهدت نوادي البحرين عمليات دمج واسعة، تم دمج النادي مع عدد من نوادي العاصمة تحت اسم نادي الشباب ، وتم إنشاء مركز شباب النعيم الثقافي لخدمة أبناء المنطقة في الجانب الثقافي.
وفي الخمسينيات كانت النعيم من ضمن المراكز النشطة للحركة المطلبية الإصلاحية التي برزت بين عامي 1954-1956، وكان السيد على بن السيد ابراهيم كمال الدين الغريفي (عالم دين وأحد رموز المنطقة آنذاك) من ضمن ثمانية أشخاص انتخبهم الشعب لتمثيله فيما عرف تاريخيا بإسم هيئة الإتحاد الوطني.
وفي عام 1963م أسست الدولة مدرسة النعيم الثانوية للبنين وكانت تقع على شاطئ البحر مباشرة، وقد تخرج من هذه المدرسة أجيال من أبناء الوطن من مختلف قرى البحرين وعلى الخصوص قرى المحافظة الشمالية، وقد كانت مدرسة النعيم من المدارس النشطة سياسيا عبر تاريخها الممتد لأربعين عاما، فكثيرا ما قام طلبتها بمظاهرات واعتصامات تضامنا مع القضايا القومية والوطنية. وقد شهدت منطقة النعيم بناء عدد آخر من المدارس منها مدرسة ابتدائية للبنات كانت محاذية للمأتم الغربي، تم ابدالها بمدرسة أخرى هي مدرسة سمية وتقع جنوبي المقبرة، ومدرسة ابتدائية للبنين غربي المنطقة اسمها مدرسة ابن خلدون وكانت تقع في قبال مسجد الشيخ سالم أبو عراك استبدلت بمدرسة حطين التي تقع في منطقة السويفية غربي النعيم.
وقد شهد عقدي السبعينيات والثمانينيات بروز ظاهرة النزوح الجماعي لأسر المنطقة للسكن في مشاريع الإسكان التي أنشأتها الدولة في بعض مناطق البحرين، حيث أن المنطقة لم تحضى بمخططات اسكانية رغم المساحة الواسعة التي تم ردمها من البحر شمالي المنطقة، إذ تم تحويل هذه الأرض المدفونة لمخططات استثمارية شهدت بناء عدد من المجمعات التجارية والأسواق المركزية والفنادق.