مأتم القصاب
من المأتم الكبيرة والعريقة بالمنامة والذي تتولى شؤون إدارته عائلة العلوي المشهورة وهي من كبار عوائل المجتمع البحريني .
أما تأسيس هذا المأتم فيرجع الفضل لله عز وجل ومن ثم لعلوي بن سيدجواد بن سيدلطف الله بن سيدخليل بن سيدناصر بن سيدعلي بن سيدأحمد المقدس بن سيدهاشم البحراني بن سيدعلوي عفيف الحسين بن سيدحسين الغريفي الذي أشترى قطعة أرض من الحاج علي القصاب وسورها بمواد تقليدية وهي الدنجل وجذوع النخيل والحبال المصنوعة من ألياف النخيل ، كما أستعلمت المناكير ، حدث هذا منذ قرن من الزمان وبالتحديد عام 1322م وكانت مساحته عبارة عن رواق واحد .
وهناك رواية أخرى غير موثقة مفادها أن مؤسس المأتم هو الحاج علي بن الحاج عبدالله بن عيسى القصاب .
وعرف المأتم بأسم الشهرة للحاج علي ( القصاب ) ، لأنه كان محترفاً بيع اللحوم وبعد وفاة المؤسس تولى إدارة المأتم الحاج علي بن الحاج عبدالله بن عيسى القصاب المشهور بالبدوى ، الذي كان تاجر مواد أغذية كالرز والسكر والشاي والدهن ولقب بالبدوي لأنه يتعامل مع البدو الوافدين من إمارات الخليج آنذاك ، حيث يأتون من قطر والزبارة والكويت ونجد ويتسوقون منه وكان من قوة العلاقة بين التاجر وزبائنه أنه كان يضيفهم ثلاثة أيام في منزله حتى ينهون مهمتهم في البلاد ويرحلون .
ونتيجة لضعف حال من تولى المأتم بعد الحاج علي بن عبدالله بن عيسى القصاب تولت المأتم عائلة العلوي والمجاورة منازلهم للمأتم .
ورغم أن المأتم قام في البدء على أكتاف القصاصيب إلا أن عوائل كثيرة كانت تشارك فيه أولها عائلة العلوي والحاج خلف وسلمان بن خلف العرادي وبيت الخواجة وعائلة البهلول والمسقطي وغيرها من عوائل المنامة .
ولما مات الحاج علي بن الحاج عبدالله بن عيسى البدوي ضعفت سيطرة عائلة القصاب على المأتم بسبب تفكك القصابين وضعف حال عائلة القصاب التي تدير شؤون المأتم ، فقوض الله للمأتم رجل تري وسخي من عائلة العلوي وهو السيدأحمد السيد جواد السيد لطف الله عميد عائلة العلوي آنذاك .
ولكن الثابت لدينا أن علوي السيد جواد هو الذي أسس المأتم بعد أن أشترى الارض من الحاج علي القصاب وأطلق على المأتم القصاب نسبة إلى مالك الأرض الأصلي .
ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن أصبح المأتم يدار من قبل هذه العائلة ، أي العلوي التي هي عائلة ، بحرينية ، عربية ، عريقة ، ترجع في نسبها إلى الإمام علي عليه السلام ، حيث ينحدرون من جدهم الإمام موسى الكاظم (ع) ولذا فهم سادة موسويون وفي التراث الإسلامي الشيعي تطلق كلمة علوي على الشخص الذي يولد من ام سيدة وأب سيد ( السادة هم المنحدرون من سلالة آل البيت عليهم السلام ) ، إما الذي يولد من أم سيدة وأب عامي ، فيطلق عليه أسم ميرزا ، فإذا كان العكس أي الأب سيد والأم عامية سمي الإبن سيد وعلى العموم فإن العلويين والسادة في العالم الإسلامي بوجه عام وفي البحرين بوجه خاص لهم مكانة خاصة في النفوس فهم مبجلون من قبل أفراد المجتمع نظراً لنسبهم الشريف وأنحدارهم من المدينة المنورة .
وعائلة العلوي والأسر التي تفرغت منها الموجودة في البحرين والتي لها علاقة بالمأتم موضوع البحث ترجع إلى جدها علوي وأخوه سيد جواد أبناء سيدلطف الله وسيدلطف الله المنحدر من سيدأحمد المقدس بن هاشم البحراني بن سيد علوي بن سيدحسين الغريفي المنحدرين من قرية الغريفة الواقعة قرب قرية بني جمرة ثم أنتقلوا إلى قرية الغريفة الواقعة قرب القاعدة البريطانية القديمة الجفير .
وقرية الغريفة الحالية أسمها يرجع إلى كلمة غرفة ( حجرة ) وتصغيرها غريفة ، فهي إحدى قرى منطقة الماحوز التي تضم قرية الدونج وهرته والغريفة .
وقد هاجر جد عائلة العلوي مع أفراد أسرته منذ زمن طويل من قريته هذه ، ثم أستوطن مدينة المنامة وسكن فريق المخارقة بجوار منزل الحاج علي القصاب وكان سيدعلوي عميد عائلة العلوي في فترة قبل أكتشاف النفط 1932م ، يعد من كبار تجار اللؤلؤ الذين يطلق عليهم أهل البحرين طواشين والذين كانت لهم سوق عامرة يجتمعون فيها ولهم مقهى يلتقون فيه ، يقدم لهم الشاي والحليب والماء والغليون ، أما القهوة العربية فإن لها شخصاً يطلق عليه كلمة المقهوي يعمل لحسابه الخاص ، حيث يمر على الزبائن ذواقي القهوة ويصب لهم قهوته من الدلة دون أن يطلب منهم مالاً ولكن هؤلاء الزبائن يمنحونه بين فترة وأخرى ما تجود به نفوسهم .
لقد كانت هذه السوق والمقهى ملتقى تجار اللؤلؤ من طواشين ونواخذة سفن في وسط شارع باب البحرين في المنطقة المسقفة من هذا الشارع والتي تعرف آنذاك بالسوق المسقفة ، حين كانت البلاد في تلك الفترة ملتقى تجار اللؤلؤ الخليجيين حتى ذاع صيتها في مناطق أخرى من العالم كإمارات الخليج والعراق وإيران والهند .
ويوجد بالقرب من مأتم القصاب مسجد عرف بأسم مسجد الخواجة ، كان في تلك الفترة تجاوره عين تحمل نفس الإسم كما كانت تجاوره مقبرة تدفن فيها جثث أموات الأهالي وكان بهذه المقبرة مكان لغسل الموتى .
وفي ولاية سيدأحمد سيد جواد سيدلطف الله الذي أنتقلت له إدارة شؤون المأتم قام بإعادة بنائه بطريقة هندسية على غرار الأروقة المأخوذة من العمارة الإسلامية المتسمة بضخامة الجدران ووجود أسطوانات ( أعمدة ) ضخمة في وسطها قمرات وشمسية في الوسط وشبابيك من خشب .
أما مواد البناء فكانت من الحجر البحري والفروش والطين والجص وجذوع النخل والدنجل والحبال للربط على هيئة جسور .
وقد توفى سيدأحمد سيد جواد سيدلطف الله منذ حوالي خمسة وأربعين عاماً ، فتولى إدارة المأتم أبنه سيدعباس حيث كان أكبر أبنائه سناً وذلك حتى توفاه الله منذ حوالي ثلاثين عاماً فتحولت مسؤولية إدارة المأتم إلى المرحوم السيد محمود السيدأحمد العلوي ولما مات تولى مسؤولية إدارة المأتم إلى المرحوم السيدمحمود السيدأحمد العلوي ولما مات تولى مسؤوليته المرحوم السيدكاظم العلوي وبعد وفاة الأخير تولت العائلة مسؤولية إدارة المأتم .
وقد سجلت عائلة العلوي المأتم لدى إدارة الأوقاف الجعفرية .
ونظراً لشدة الحرارة ورطوبة الجو وغزارة الأمطار أعيد بناء المأتم من قبل المرحوم الحاج محمد الدرازي المشهور بأعمال البر وعمارة بيوت الله وأماكن العبادة .
وقد تم هذا التجديد لبناء المأتم بناء على توجيه الخطيب الحسيني الملا خضير .
ورغم هذا التجديد فإنه وبعد فترة من الزمن أعيد ترميم وصيانة المأتم بسبب أختلال توازن جدرانه وأعمدته ، حيث أعيد بناء المأتم وللمرة الأخيرة خلال ولاية سيدمحمود سيدأحمد العلوي الخاصة .
وكان مقاول البناء الرئيسي الأخير هو علي وعبدالله أبناء الحايكي ، أما مقاول الكهرباء فهو محمود إبراهيم الشكر .
وبدأ البناء في 12/12/1970م وأنتهى في عام 1971م بكلفة 18 ألف دينار دفعت لمقاول البناء على أقساط حتى أستكمل البناء وأفتتح رسمياً تحت رعاية الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد .
أما من حيث خطباء المأتم فمنهم ملا علي صنقور بن سالم آل سلوم وهو من أبرز خطباء المنابر الحسينية آنذاك وكذلك ملا سعيد وهو من قرية بني جمرة وقد قرأ خلال عشرينات هذا القرن ، وكذلك ملا سيد محمد وهو من القطيف بالمملكة العربية السعودية وملا خضير المذكور سالفاً وهو من سكنة مدينة البصرة بالعراق وأصله بحريني مهاجر ومن القراء المبرزين سيد جابر وذلك خلال الستينات ، أضافة إلى سيد بن رضي وملا سيد حسن الشخص وهو من العراق وملا مهدي السويج وملا سيد عبدالرسول وهؤلاء من العراق والشيخ عبدالكريم من القطيف وملا سيد جابر بن سيد كاظم من مواليد العراق والشيخ عبدالكريم من القطيف وملا سيد جابر بن سيد كاظم من مواليد إيران ومن سكنة النجف الأشرف بالعراق والشيخ حميد المهاجري الذي تولى الخطابة بالمأتم قبل إتمام البناء الحالي أي خلال عام 1970م ومن الخطباء أيضاً ملا السيدأحمد والشيخ يوسف دكسن في الستينات والشيخ حسن القصاب والسيدمحمد صالح سيدعدنان الموسوي وغيرهم .
وللمأتم أوقاف أوقفها المرحوم سيدعلوي العلوي وبعض أفراد أسرته من أهل الخير ، من ذلك أرض مشتركة مع مأتم الحاج خلف السماهيجي وبيت يقع شرق مأتم مدن ووقف آخر مشترك بين مأتم القصاب ومآتم الحاج عباس ووقف رابع ...
وكان للمآتم أنذاك مواكب عزاء مشتركة مع مأتم مدن ومآتم زبر ومآتم الحاج عباس ويشارك فيه بالإضافة إلى معزي المنامة جمع من أهالي بعض القرى مثل السنابس والديه ومدينة لنجه الإيرانية ، خصوصاً يوم العاشر من المحرم ولكن خلال الأربعينيات بدأت تلك التجمعات من مواكب المآتم تنفصل بعضها عن بعض حتى أصبح كل مأتم له موكبه الخاص به وموكب مأتم القصاب حالياً عبارة عن مسيرة تتقدمها الأعلام والرايات وحلقة ضرابي السيوف ( الحيدر ) وقد توقفت أخيراً وخيول وحلقات ضرب الصدر .
وللمأتم كبقية المآتم الأخرى رسالة تتمثل في سرد سيرة الرسول الكريم وأهل بيته الأطهار وأصحابه الميامين وأستخلاص العبر من هذه السيرة العظيمة مع التركيز على ثورة الحسين ومضامينها السياسية والدينية والإجتماعية .
كما يوفر المأتم مكاناً لقراءة الفواتح على أرواح المتوفين وكذلك إقامة حفلات الأعراس لأهالي المنطقة وكذلك تلاوة الذكر الحكيم في شهر رمضان والتحدث عن العبادات والمعاملات الإسلامية .