مأتم بن زبر
مؤسس هذا المأتم هو المرحوم الحاج أحمد بن علي بن ناصر المتوفي عام 1314هـ الموافق للعامين الميلاديين 96- 1897م بعد سنوات قليلة من تأسيس مأتم بن ديفع المعروف آنذاك بمأتم بيت بن ناصر من قبل المرحوم الحاج أحمد بن علي بن ناصر وإخوانه الحاج ناصر والحاج ماجد والحاج عبدالله وقد أطلق على المأتم الأخير (الثاني ) مأتم الحاج أحمد بن ناصر ويعرف اليوم بمأتم بن زبر ويقع في فريق المخارقة من المنامة وتأسيسه في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ومأتم بن ديفع ومأتم زبر من مآتم المنامة القديمة .
وقد تم إنشاء هذا المأتم عن طريق شراء الحاج أحمد بن ناصر قطعة أرض كبيرة من شخصى يدعى " ابن شكير " وقام بإحاطتها وتسويرها بسعف النخيل وتغطيتها بالجنادل والحصر والمناقير واستعمالها كمأتم تقام فيه مجالس التعزية على مصرع الإمام الشهيد الحسين بن علي (ع) وأهل البيت (ع) وذلك لمدة ثلاث سنوات متواصلة ، ثم قام الحاج أحمد بن ناصر ببناء المأتم فوق الأرض نفسها مستبدلاً سعف النخيل والمناير والجندل بالحجارة البحرية والجبس اللدن ( الجير ) المعروف بالنورة وكذلك بالجص .
وقد صمم البناء وفقاً للطراز المعماري المتبع آنذاك في تشييد المقامات والأماكن الدينية ذات الحرمات القدسية مضيفاً على المأتم جواً مهيباً وحزيناً ، حيث تتوسطه قبة مربعة الشكل تعرف بأسم شمسية ، نظراً لوجود نوافذ خشبية صغيرة من الجهات الأربع منها تتسلل عبرها أشعة الشمس إلى داخل حرم المأتم ووضعت في سقف المأتم الثريات الزجاجية الملونة المتلألئة ، كما تتدلى من سقفه القناديل اللامعة المضيئة بالشموع ، حيث توفر هذه الشموع في مناسبات انعقاد مجالس التعزية في الليل وأحياناً توقد نهاراً عند الحاجة إلى إضاءة إضافية في داخل المأتم ، عندما تحجب السحب أشعة الشمس خلال أيام الشتاء .
وقد حفر في الزاوية الجنوبية الشرقية للمأتم بئر ماء لاستخراج الماء من جوف الأرض بواسطة حبال يتدلى في أدنى طرفه دلو ويعرف هذا البئر عامة بأسم " جفر " ، كما بنى إلى جانب البئر موقد يعرف عامة بأسم " الوجاغ " وهو موقد يبنى عادة من الجبس ويوضع فيه الفحم وتضرم فيه النار بواسطة منفاخ من الجلد كالذي كان يستخدمه الحداد أيام زمان ويستخدم لتسخين أواني القهوة وأباريق الشاي .
وكان للمأتم وقتها ثلاث مداخل فقط أثنان من جهة الغرب وواحد من جهة الجنوب .
وقد تولى الحاج أحمد بن علي بن ناصر إدارة شؤون المأتم بنفسه وتولى أموره وتكفل بتلبية جميع أحتياجاته وأنفق عليه من أمواله الخاصة وأعطى مأتمه من جهده ووقته وماله بدون حساب ، وأستمر على هذا الحال حتى وفاته عام 1314هـ الموافق 1/2/1896م أي منذ 98 سنة .
وكان غرض المرحوم من كل ذلك إحياء وتخليد الشعائر الحسينية وتكريس العقائد الروحية لمجتمعه وتعميقها في النفس .
نبذة عن حياة المؤسس :
كان الحاج أحمد بن ناصر تاجراً كبيراً للؤلؤ وكان يطلق على تجار اللؤلؤ طواويش ومفردها طواش ، أما مالك السفن وربانها فإنه يسمى نوخذة وكان المرحوم أحمد بن ناصر تجار لؤلؤ وطواش في نفس الوقت حيث كان يملك مراكب شراعية يعمل على متنها مجموعة من الرجال من غواصيين وسيوب وتبابة ورضافة وربابة وغيرهم من رجال الغوص ، بل قيل إنه كان يملك وقتها عبيداً أيضاً يعملون في سفن الغوص التي يملكها مما عده لأن يكون من كبار وجهاء البحرين وأعيانها وشخصية بارزة في مجتمعه ، فإلى جانب دخله الوفير من الغوص وتجارة اللؤلؤ ، كان يمتلك عقارات أخرى من الدكتكين والبيوت والمزارع ، تدر عليه دخلاً إضافياً وفيراً ، فهو يمتلك عمارة ورثها مع إخوانه من والده المرحوم الحاج علي بن ناصر تقع في سوق المنامة تسمى عمارة " الأبوشهر " لأن والده في السابق كان يجلب مواد بناء ويبيعها فيها وأكثر مواد البناء هذه من أبوشهر بإيران وموقع هذه العمارة حالياً في سوق الأقمشة بشارع المتبني من المنامة . وقد وزعت على الورثة وقسمت إلى دكاكين عديدة ، كما كان الحاج أحمد بن ناصر يمتلك دالية تسمى أم جدار بالماحوز ، كما كان يمتلك النخل المسمى صرمة البدو تقع بالماحوز أيضاً كما كان يمتلك دكاناً أو أكثر في سوق المنامة .
ونظراً لتمتعه بسعة الرزق ويسر الحال ووفرة الدخل وكثرة المال ، فقد سخر الحاج أحمد بن ناصر أمواله وعقاراته لخدمة معتقداته الدينية بهدف تعميقها وترسيخها في مجتمعه .
وقد عرف عن الحاج أحمد بن ناصر التقوى والغنى والصلاح والثراء والورع والعطاء ، مما دفعه لأن ينفق بسخاء في بناء الحسينيات وإقامة الشعائر الحسينية مما أهله لأن يحظى بمكانة أجتماعية كبيرة في زمانه .
وبعد وفاة المؤسس الحاج أحمد بن ناصر كما ذكرنا عام 1314هـ ، الموافق للعامين الميلاديين 96- 1897م تولى الولاية على المأتم وإدارة شؤونه أبنته بيبي وقام زوجها الحاج محمد بن أحمد بن زبر ( وهو في نفس الوقت أبن أخت المؤسس ) نيابة عن زوجته بإدارة المأتم والإشراف عليه من جانب الرجال ، ومن هنا جاء الإسم الجديد للمأتم لإرتباطه في فترة لاحقة بأسم من قام بإدارة شؤونه طوال عشرين عاماً أو تزيد وهو الحاج محمد بن أحمد بن زبر ، وقد جاءت التسمية الجديدة للمأتم عفوية دون تعمد وهذا حال الناس في الربط بين المآتم والقائمين عليها ، وهذا عين ما حدث لمأتم بيت بن ناصر الذي تحول أسمه إلى مأتم المديفع .
وقد قام الحاج محمد بن زبر بإدارة شؤون المأتم والإشراف عليه خير قيام حتى وفاته رحمه الله في رمضان 1337هـ الموافق يونيوا 1919م .
وكان الحاج محمد بن زبر شأنه شأن خاله المرحوم الحاج أحمد بن ناصر كريماً جواداً ميسور الحال ، يعمل في تجارة اللؤلؤ بأعتباره من الطواشين الكبار ، أنفق من ماله الخاص على مجالس التعزية بالمأتم وبذل كل جهده ووقته في سبيل إحياء الشعائر الحسينية المقدسة .
وبعد وفاته رحمه الله في عام 1919م 1337هـ تولت الولاية على المأتم أبنته حصة بأعتبارها حفيدة المؤسس من أمها المتوفاة ، ووكلت أخاها من أبيها نصر بن الحاج محمد بن أحمد بن زبر بالقيام بإدارة شؤون المأتم من جانب الرجال نيابة عنها ، وقد قام نصر بن زبر بالرغم من العاهة التي كان يعاني منها حيث كان كفيف البصر بشؤون المأتم خير قيام ، ونصر هذا كان يعمل طواشاً شأنه شأن أبيه وأعمامه ، وقد إدار شؤون المأتم بضع سنوات حتى وفاته .
فوكلت أخته حصة حفيدة المؤسس من بعده ابن عمها وزوج أختها الحاج محسن بن علي بن أحمد بن زبر الذي قام بإدارة شؤون المأتم من جانب الرجال نيابة عنها حتى وفاته في 9 محرم 1356هـ الموافق 21 مارس 1937م .
وبوفاة الحاج محسن بن علي بن أحمد بن زبر ، قامت بإدارة شؤون المأتم عائلة الخور وواصلت المسير بإداء دورها المميز .
فمنذ زواح الحاج عيسى بن منصور الخور بحفيدة المؤسس وأبنة الحاج محمد بن زبر ، أصبحت عائلة الخور الممول الرئيسي الدائم للمأتم ، حيث ساهم الحاج عيسى الخور وهو أحد أثرياء عصره بنصيب وافر من ماله لسد أحتياجات المأتم ، وخصص جزءاً من بيته لسكن خطباء المأتم الذين يتم أستقدامهم من مختلف قرى البحرين النائية لإقامة مجالس التعزية ، ولا يتمكنون من العودة لبيوتهم لندرة وسائل المواصلات في الثلاثينات إذا أستعبدنا الحمير ، أما الخيول كوسيلة للمواصلات فلا يملكها إلا الأثرياء .
وخصص أيضاً مساحة أخرى من بيته الملاصق للمأتم لإعداد الاطعمة التي تقدم عادة للمشاركين في إقامة المجالس الحسينية ، أو توزيعها على العائلات القاطنة في المنطقة ولا زالت تلك المساحة مخصصة لنفس الغرض حتى الآن .
وبوفاة عيسى الخور عام 1938م ، منحت زوجته وهي حفيدة المؤسس وكالة شرعية بشأن إدارة المأتم لأحد أبناء فريق المخارقة من الذين أدوا واجبهم الديني نحو المأتم لفترات طويلة من زمن أبيها وأخيها وابن عمها وزوجها ، وهذا الشخص هو الحاج إبراهيم بن محمد بن سعدون ، وذلك للقيام بشأن المأتم من جانب الرجال نيابة عنها ، وذلك لصغر سن أولادها .
وأستمر في إدارة المأتم حتى وفاته في منتصف الستينيات ، ولم تمنح بعد ذلك أي وكالة شرعية من بعد ذلك لأحد ، تفادياً لإثارة أي حساسية في صفوف جمعية أنصار مأتم زبر التي رعاها المرحوم الحاج عبدالكريم بن عيسى الخور . الأبن الأكبر لزوجها ، بهدف إعطاء إدارة المأتم طابعاً جماعياً وكانت هذه الجمعية تعرف حتى منتصف الخمسينيات بجمعية مأتم أحمد بن ناصر .
وللمرحوم الحاج عبدالكريم الخور منزلة رفيعة في العائلة ، تمثلت في أمتثال أخوانه من أبيه لرأيه ، عندما نشبت أزمة تتعلق بموكب المأتم في الستينيات ، برفضهم إدخال تغييرات في هيكله ، بصفتهم الولاة الشرعيون والممثلون للمأتم في المستقبل وكان لتدخل المرحوم عبدالكريم الحور دوراً بارزاً في نزع فتيل تلك الأزمة بحكمة ورؤية بعيدة المدى ، ارضخت أطراف النزاع بتلبية مطالب السائلين وتحقيق طموحاتهم . وبذلك أخمد روح التنافر ، مفضلاً وحدة المأتم ووحدة جماعته واستمرار عطائه الموحد وأداء رسالته الدينية بعيدة عن كل غاية ورفضاً لإنحرافه عن أهدافه الروحية النبيلة .
وبهذا التصرف الحكيم توسعت قاعدة المأتم وزادت جماعة الأنصار المريدين له .
ولقد أدى المرحوم الحاج عبدالكريم الخور دوراً بارزاً في توسيع قاعدة المؤيدين لجمعية مأتم زبر بعزوفه عن التسلط وبعده عن الأنفراد بالإدارة والرأي بل إنه بذل جهده على أستمالة القلوب وتهدئة المشاعر وأسترضاء الغاضبين وتوزيع المسؤوليات بين المشاركين وتسوية الخلافات بين المتنازعين لذا لم يعرف مأتم بن زبر أي أنقسام أو أنشقاق في صفوفه ، ولم تشهد المنطقة المحيطة به ولادة أي مأتم يشيد بجواره أو قريب منه .
لقد وجد الحاج عبدالكريم الخور كما يقول معاصروه بأن الأسلوب الامثل لإتاحة الفرصة ليؤدي المأتم رسالته الدينية والروحية هو غدارته بأسلوب جماعي .
وقد اعطى هذا الأسلوب نتائج قيمة تميزت بحضور كبير لمجالسه الحسينية ومشاركة فعالة من أبناء المنطقة ، وأندفاع لا حد له بمساهمة العائلات بما لها ولنفوذها ورجالها لدعم مسيرة المأتم ومساندته .
فمن هذه العائلات والأفراد الذين دفعوا بسخاء لتمويل المأتم مالياً المرحوم الحاج صالح الصالح ، والمرحوم الحاج محمد البحارنة والمرحوم الحاج ضيف الحلواجي وعائلة حسين وحبيب أبناء محمود والحاج عبدالكريم والحاج صالح أبناء عيسى الخور والحاج جعفر الشعلة ، والحاج عبدالحسين الحلواجي وأولاده .
ومن الذين ساهموا أيضاً في دعم مسيرة المأتم الأخوان حميد وعبدالرسول الحلواجي وذلك من خلال جهودهما في توفير المال اللازم لتجديد بناء المأتم من خلال من خلال أتصالاتهما الودية بالوجيه السيدمهدي التاجر الذي تبرع منفرداً لبناء المأتم بشكله الحالي .
وهناك عائلات ساهمت بدور لا يستهان به كعائلة أبو دريس والمشكاب والرقراق والسمك والقارئ وعائلة محمد والعرادي والخواجة والدرازي وآل شرف وعائلة إبراهيم الشيبه وآل نعمه وعائلة بن سهيل وكثيرين غيرهم بالإضافة إلى عائلة الحلواجي بفروعها وخاصة عائلة المرحوم الحاج عبدالحسين الخلواجي الذين أنيطت بهم منذ بدء أرتباطهم بالمأتم في الخمسينيات مهمة تنظيم موكب عزاء المأتم لانكباب أغلبية أعضاء العائلة بدءاً بالمرحوم عبدالحسين ومروراً بأولاده واحفاده عن نظم الرداديات الملائمة للمواكب الحسينية ، ومن النادر مشاهدة موكب حسيني لمأتم بن زبر لا يتصدره أحد أفراد عائلة الحاج المرحوم عبدالحسين الحلواجي .
ويعد المرحوم الحاج عبدالحسين الحلواجي واحد من الاعضاء الناشطين في جمعية أنصار مأتم بن زبر والتي تأسست من الذين يرتبطون بصلة قرابة لصاحبة الولاية على المأتم وهم المرحوم الحاج عبدالكريم بن عيسى الخور ابن زوجها والمرحوم الحاج جعفر بن حسين بن علي الشعلة زوج أبنتها الكبرى والحاج محمد بن علي بن محسن بن زبر أبن أختها ، إضافة إلى المرحوم الحاج إبراهيم بن محمد علي بن السعدون وكيل المأتم وكانت تسمي سابقاً جمعية مأتم أحمد بن ناصر .
كما جذبت لها في تشكيلها وصفوفها فيما بعد أعضاء جدداً ساهموا مساهمة فعالة في دعم المأتم مادياً ومعنوياً ورؤية لتحقيق المثل والمبادئ بأقل خسارة ممكنة .
في الواقع إن تاريخ مأتم بن زبر في بعض فصولها هو في الواقع أستكشاف رؤية فن الزعامة والإدارة متمثلة في المرحوم الحاج عبدالكريم الخور وإخوانه وأحفادهم الذين حرصوا على أن لا تكون ولاية والدتهم على المأتم سبباً لنفور الآخرين والابتعاد عن مأتمهم ، بل أعطوا الآخرين وحافظوا على بقاء الصرح الذي أقامه جدهم لتخليد ذكرى أبو الشهداء محتفظاً بمكانة مرموقة رغم قلة موارده وأوقافه .
لذا فأمام هذه الموارد المادية الضئيلة للمأتم ، لم تتوقف عائلة الخور منذ الأربعينيات وحتى الآن على تمويل المأتم مادياً بمساهمات مالية ضخمة تسد معظم أحتياجاته ، فكما هو معروف للخاصة والعامة فان المرحومين عبدالكريم وصالح وعبدالجليل أبناء عيسى الخور دفعوا طيلة حياتهم بسخاء للمأتم وشكلوا دعامة مالية هامة للمأتم ولا زال أبنائهم عادل وغازي ومهدي أحفاد الخور يواصلون عطاءهم بألتزامهم وتكفل بتقديم وجبات الطعام للمعزين والحاضرين لموكب عزاء المأتم على حسابهم الخاص .
أما بخصوص التبرعات التي يجود بها محبو أبي الشهداء (ع) والمداخيل التي تدرها أوقاف المأتم فهي من مسؤليات أكثر من جهة لتتلاقي في النهاية وتصب في قنوات محددة المعالم وهي تسديد أجرة الخطباء ودفع فواتير الكهرباء وتوفير الشاي والقهوة لرواد المأتم وتخصيص جزء منها لإعداد الطعام من أول يوم من محرم حتى السادس منه وذلك لتوزيعه على الأهالي ورواد المأتم ، أما بقية الأيام من عشرة محرم فيقدم وجبات غذاء بالمأتم .
ومأتم بن زبر معروف بمواظبته طيلة أيام العشرة الأوائل من المحرم بإعداد وجبات طعام غذائية يومية عن طريق طبخ قدر أو قدرين كبيرين زنة الواحد 200 كيلوا أرز مع اللحم أو الروبيان وتزداد القدور لتصل إلى العشرة كلما أقترب اليوم العاشر من المحرم .
والعادة المتبعة قبل حلول بداية شهر محرم هو توافد النساء على بيت ورثة المرحوم الحاد عيسى الخور في الجزء المخصص للطبخ ويبدأن في تنقية الأرز من الشوائب العالقة به وتستغرق هذه العملية ما بين عشرة إلى 15 يوماً لإنهاء تنظيف ما بين 10 آلاف كيلو من الأرز إلى 15 ألف كيلوا وبحلول أول ليلة من شهر محرم تتهيأ النساء للمهمة الأصعب وهي تقشير وفرم البصل أستعداداً للبدء في العادة التي درج عليها المأتم منذ سنين ويمارس النساء ما يوكل لهن من مهمات مهما كانت صعوبتها بنفس راضية ، مرضاة لله وخدمة لآل بيت رسول الله (ص) ويطلق على النساء اللواتي يخدمن الوقافة ( بضم الواو ) ، أي الواقفات اللاتي يشرفن ويباشرن إعداد كل مستلزمات الطبخ وإعداده من بدايته حتى نهايته .
التجديدات التي تعرض لها المأتم
إن مأتم بن زبر تعرض لتجديد بنائه أربع مرات الأولى بناه المؤسس الحاج أحمد بن علي بن ناصر واستمر حتى الحرب العالمية الثانية بالتحديد بداية الأربعينيات وبعد أنهيار الشطر الأكبر من البنيان قام بتجديد البناء بالكامل الحاج حسن بن علي المديفع على نفقته الخاصة وكان الحاج حسن بن علي المديفع يتولى حينها المأتم الشقيق وهو مأتم المديفع وقد تميز هذا البناء بوجود الثريات الملونة والأقواس الإسلامية الطابع والجسور التي تربط بين الأقواس وشمسية كبيرة في الوسط للتهوية ودخول أشعة الشمس .
واستمر هذا البناء حتى الخمسينيات ، حيث قامت جمعية مأتم بن زبر بتجديد المأتم للمرة الثالثة وهو يتكون من ثلاثة لياوين تحملها ستة أعمدة أسطوانية كبيرة تتوسطها شمسية .
استمر هذا البناء حتى عام 1968م ، حيث هدم البناء وأعيد تجديده للمرة الرابعة والأخيرة وذلك على نفقة رجل المال والأعمال المعروف الوجيه مهدي التاجر واستمرت عملية البناء أحد عشر شهراً وأفتتح في 18 ذي الحجة بمناسبة عيد الغدير 1388هـ الموافق 7 مارس 1969م ومما يجدر ذكره فإن المأتم قد زود بالكهرباء حوالي عام 1939م بعد إنشاء أول محطة كهرباء في رأس رمان عام 1938م .
وللمأتم أوقاف عدة هي بيت أوقفه المؤسس للمأتم وكان يقع مباشرة إلى الجنوب من المأتم وقد قسم حالياً إلى بيتين ، دكان يقع في السوق من المنامة على شارع المتنبي أوقفه المؤسس وأرض خلاء حالياً كانت من قبل تسمى صرمة البدو تقع في الماحوز وهي الآن غير مستغلة ، تقع خلف مبنى رعاية الأمومة في الماحوز وقد أوقفها المؤسس ودكان في سوق الأقمشة في شارع المتبي أوقفه نصر بن الحاج محمد بن أحمد بن زبر وشقة صغيرة تقع مباشرة فوق مخزن المأتم من جهة الشرق أوقفتها للمأتم جمعية الأنصار ، وقد أستخدمت هذه الشقة في البداية كسكن للخطيب العراقي أيام عائوراء وهي شقة صغيرة وقد أستخدمت لهذا الغرض سنة واحدة فقط ، بعدها تم تأجيرها وأوقف ريعها لصالح المأتم .
أما بشأن الخطباء المشاهير الذين أقاموا مجالس العزاء في المأتم فأشهرهم الملا الشهير علي بن حسن بن فايز صاحب الطريقة الفائزية المعروفة في الشعر الحسيني العامي وذلك في حياة المؤسس الحاج أحمد بن ناصر وكذلك ملا صالح وملا الحاج أحمد العالي ، في حياة الحاج محمد بن أحمد بن زبر والخطيب الشاعر الحسيني الشهير المرحوم ملا عطية بن علي الجمري الذي مارس فيه الخطابة الحسينية أيام عاشوراء منذ عام 1336هـ الموافق 1927م وحتى عام 1375هـ الموافق 1956م ، لكنه ظل فترة طويلة يمارس الخطابة فيه في المناسبات ( الوفيات ) المعروفة بالمياقيت خلال شهر صفر ، كما مارس الخطابة الحسينية بالمأتم أيام عاشوراء بعد ملا عطية كوكبة من الخطباء العراقيين هم على التوالي السيدهادي الحكيم ( 57-1964) والشيخ جعفر الهلالي (1965) ، السيد عبدالرحيم الشوكي (1966) السيد جابر الأنمى (67- 1981) وبعده أوكل للملا يوسف بن الملا عطية الجمري مهمة الخطابة أيام عاشوراء أبتداء من العام 83 وحتى 1987م ، كما صعد منبر المأتم القاضي الشيخ أحمد العصفور خلال شهر محرم والمأتم تقرأ فيه التعزية في الصباح والليل خلال محرم والمياقيت .
وصية المؤسس بشأن الولاية على المأتم ومصادر الصرف عليه
لقد أوصى الحاج أحمد بن ناصر قبل وفاته بوصية أشتملت على ما يلي :
أولاً : أحتساب ثلث ماله لصالح مأتمه .
ثانياً : عدم تغيير أسم المأتم ويؤثم الذين يغيرونه .
ثالثاً : تخصيص ما يقدم لراية النذور لإقامة مجالس التعزية في المأتمين الشقيقين المعروفين اليوم بمأتم بن زبر ومأتم المديفع طبقاً لنظام يعمل به ويعرفه من يمسك براية النذور المعروفة بالوهابية .
رابعاً : أنتقال الولاية على المأتم وإدارة شؤنه وتولي أموره إلى ذريته رجلاً كان أم أمرأة ولا تؤول هذه الولاية إلى شخص من خارج ذريته إلا بعد أنقراض ذريته بالكامل ...
ومنذ وفاة الحاج أحمد بن ناصر عهدت الولاية كما سلف ذكره من بعده إلى أمرأتين من ذريته ، وقد أنابا عنهما في إدارة المأتم في الغالب واحداً من أقربائهما ...
الأولى أبنته والثانية حفيدته التي أنتقلت إلى جوار ربها عام 1990م وقبيل وفاتها بسنوات رحمها الله أوكلت لإبنتها الكبرى مسؤولية الأحتفاظ براية النذور ( الوهابية ) وتوزيع ريعها حسبما نص عليه مؤسس المأتم واوكلت لابنها الأكبر الحاج جعفر عيسى الخور تنفيذ وصيتها الشخصية .