واحد من صلحاء البحرين وفقهائها العادلين وعلمائها الماجدين العاملين .
وهو من مشاهير تلامذة العلامة الشيخ سليمان الماحوزي ، كتب عنه الشيخ المحدث أحمد بن عبدالله بن صالح في إجازته المشهورة يعده من معاصريه وتلامذة أستاذه الماحوزي قائلاً :
" وأخي الفاضل الكامل ، الفقيه النبيه ، الثقة العدل الأمجد الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ عبدالله ابن الشيخ حسن جمال البلادي وهذا الشيخ فاضل فقيه ، نحوي صرفي ، كاتب شاعر ، حسن الإنشاء والشعر ، في غاية ذلة النفس والمسكنة والإنصاف ، ليس في بلادنا مثله في التواضع والإنصاف وذلة النفس والورع " .
وأثنى عليه تلميذه صاحب ( الحدائق ) الشيخ يوسف البحراني في كتابه ( لؤلؤة البحرين ) قائلاً :
" وكان على ما هو عليه من الفضل في غاية الإنصاف وحسن الأوصاف والذلة ( التواضع ) والورع والتقوى والمسكنة ، لم أر مثله قط في ذلك " .
وكذلك قال عنه السيد أحمد في تتمة كتاب " أمل الآمل " :
" الفقيه الزاهد والعالم العابد قاضي القضاة وخليفة الأئمة الهداة العلم العامل المعروف في وقته بالفاضل " .
من الجدير بنا ونحن نقف أمام الصفات الفاضلة لهذا العالم العامل وقفة إجلال وتعظيم ، أن نسجل هذه المفاهيم الرسالية لهذه الصفات التي جعلت من صاحبها فاضلاً حتى أشتهر بين المجتمع آنذاك بهذه الكلمات ذات الدلالة المعيقة وكم يفتقر مجتمعنا الحاضر إلى التحلّي بتلك الصفات وتجسيد الرؤى والفضائل الإسلامية في الواقع الخارجي بعد أن تتجذر منابعها في القوب وتثبت مناهلها في النفوس .
إن مجتمعنا اليوم وهو يصارع واقعه المفروض عليه من قبل المفسدين صراعاً حضارياً شاملاً ، لهو في أمسّ الحاجة إلى قيادات تعي ضرورات المرحلة كما تجسّد الصفات الفاضلة في نفسها وسلوكها :
- " الفقه : هو منهاج عمل الإنسان الرسالي في كل مستوياته والواعي لهذا المنهاج يكون فقيهاً " .
- " الزهد : ليس أن لا يملك الرسالي مالاً ولا جاهاً ولكن الزهد أن لا يملكه المال ولا الجاه ، فالذي لا يخضع لتوجيهات المال ولا يستسلم لضغوطات المنصب والجاه يكون زاهداً " .
- " العلم : هو نور ينشره الرسالي أمام دربه في الجهاد ، فالحافظ على هذا النور في قلبه يكون عالماً " .
- " ذّلة النفس : هي التواضع الذي يقابله التكبّر ، الأولى صفة المؤمنين في التعامل مع إخوانهم والثانية صفتهم أيضاً ولكن في التعامل مع الكافرين ولقد قال الله تعالى في صفات المؤمنين المجاهدين :
( أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) .
- " العدل والإنصاف : من أهم الصفات وهما من أصعب الفضائل عند التطبيق " .
نعم إن أكثر علماء البحرين ( رضوان الله عليهم ) كانوا يجمعون كثيراً من صفات التقوى هذه ، إلا أن الأحداث المتلاحقة على أرض البحرين والتي كانت إفرازاً لمطامع أهل الدنيا ومن عشّش الشيطان في نفوسهم قد سبقت أحياناً كثيرة تحرك العلماء فحالت دون أخذهم زمام أمور البلاد كلها بأيديهم ، كي يجسّدوا تلك الفضائل في إدارة البحرين ومن هنا حرمت الأجيال من بعدهم لا من آثار إنجازتهم الهائلة والتعرّف على صفاتهم ومواقفهم الكريمة فقط ، بل وقد حرمت أيضاً من أبسط المعلومات النسبية عنهم . فهذا الشيخ علي البلادي يكتب في كتابه المعروف ( أنوار البدرين ) قائلاً :
" وما أدري أن هذا الشيخ ( أعني به الفاضل الأمجد جدنا الشيخ أحمد ) يعني صاحب الترجمة – هو الشيخ أحمد بن حاجي الإحسائي الشاعر المشهور وأيضاً من العلماء الأعلام وهو جدنا أم لا ؟
والظاهر بحسب بعض القرائن أنه غيره أو هو ابن عمه ولم يبق لنا من آثار ابنائنا ما نستكشف به أحوالنا مع كثرتها ، لكثرة ما وقع على البحرين من الحوادث والوقائع في البين ولا سيما على بلادنا ( البلاد ) لأنها المنظور إليها في أعين الحكام والرصّاد وقد وقعت على كتب آبائنا بعد وفاة جدي الشيخ على قضية فتركها الوالد بالكليّة تورعاً بحصول شبهة في البين وكان ( قدس الله روحه وطيب ريحه ونور ضريحه ) على غاية من الورع والتقوى والتمسك بالعروة الوثقى ، حدثني بذلك شيخنا الثقة العلامة الأمجد الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح ( تغمده الله برحمته وحشرنا الله وإياه وآبائنا في دار كرامته ) ، ذهبت كلها مع كثرتها وحسنها فلم نحط بشيء منها لنعرف بعض الىثار ولم أدرك أحداً من أهل التصنيف منّا حتى أسأله عن تلك الديار ، على أنّي لم أنشأ في بلادي وانظر آثار آبائي وأجدادي " .
ويواصل العلامة البلادي في كتابه المذكور قائلاً :
" وهذا الشيخ أعني جدنا الشيخ احمد بن حاجي لم أقف على أحواله سوى أشتهار أشعاره وكثرتها ، حتى سمعت أن له من المراثي والقصائد الحسينية ما يقارب من ألف قصيدة دون غيرها من التواريخ والمدائح وكانت له ملكة في التواريخ لم تكن عند أحد غيره ، كان يتكلم بالتاريخ الذي يريده بداهة وأرتجالاً بلا تأمل وتدبر – يعني توقف – وسمعت من بعض أعمامي أن ديوانه الحسيني مجلدان وقف على اهل قريتنا من ( البلاد ) وتلف في الواقعة الأخيرة التي قتل فيها ( حاكمها علي بن خليفة ) وله حكايات حسنة وكرامات مستحسنة نقلها لي بعض الأرحام " .
ويا ليت الشيخ البلادي ينقل هذه الحكايات والمكرمات أيضاً ويغذي الأجيال من بعده بما تستلهمه من تلك المواقف الكريمة ، أتمنى أن لا تتكرر مثل هذه الغفلة في تدوين التاريخ عند المهتمين به .
لا شك أن إمحاء الأثر التاريخي لأي أمة وإفناء تراثها الأصيل هو من عمل أعداء تلك الأمة ، هذا ما فعله أعداء الشعب البحراني المسلم على أمتداد فترة الصراع في البحرين .
هذا ولقد كان العالم الصالح الشيخ أحمد البلادي المعروف بالفاضل ( عليه رحمة الخالق ) يدرس علومه لطلاب حوزة البحرين في مجال الفقه الإسلامي والتربية الدينية وتاريخ الإسلام وقواعد اللغة العربية وعلم الصرف والأدب وقد درس الشيخ يوسف البحراني شرح اللمعة عنده . كما له من مؤلفات تلفت في الأحداث المذكورة وله ولد فاضل محقق أسمه الشيخ محمد كان كأبيه في الصفات ومثله في عمله المنقول والمعقول .
وكانت وفاة الفاضل البحراني الشيخ أحمد البلادي في يوم الأثنين بتاريخ 14 من شهر رمضان 1137هـ .
تغمده الله برحمته الواسعة ووفقنا وكل العاملين إلى نهج الإسلام في مقارعة الظالمين ومقاومة ضغوطات الجاهلين والحمد لله رب العالمين .
أبرز صفاته وعطائه :
التفقه والأدب والتواضع والتقوى
موضوع: الشيخ أحمد بن عبدالله البلادي ( المعروف بالفاضل البحراني ) 
24.06.10 18:56
